مأساة أمراه

من البيت الى الشارع الى المدرسة الى مكان العمل المرأة دائما ضحية العنف بكافة أشكاله الجسدي او الجنسي أو الفظي او المعنوي. والعنف ضد المرأة هو أكثر اشكال انتهاك حقوق الانسان شيوعا وهو عابر للحدود والقوميات والثقافات والطبقات فهو ليس حكرا على امة دون غيرها او دين دون غيره او ثقافة دون غيرها، بيد ان الوطن العربي يكاد ينافس بنغلادش في احتلال مكان الصادرة في مجال شيوع انتشار ظاهرة العنف ضد المرأة، هذا مع استثناء ظاهرة العنف ضد المرأة في البيت التي لا يكشف عنها في اغلب الاحوال بسبب بعض المفاهيم الاجتماعية. كما ان بعض الدول العربية لا تعتبر ان اجبار الزوجة على "خدمة" زوجها او اشباع رغباته الجنسية بغض النظر عن وضعها الجسدي او النفسي احدى ظواهر العنف ضد المرأة.

قضية الاعلامية السعودية المعروفة رانيا الباز، وهي ليست قضية نادرة على كل حال، احتلت في الايام الاخيرة مكانا بارزا في التغطية الاعلامية لبشاعة ما تعرضت له من عنف جسدي على يد زوجها. المذيعة السعودية في قناتي الأوائل والتلفزيون السعودي نجت قبل ايام من موت محقق بعدما تعرضت لضرب مبرح من زوجها المغني السابق الذي ترك مجال عمله الفني منذ ثلاثة اعوام وهي ترقد الان على سرير الشفاء في قسم العناية المركزة في احد مستشفيات جدة.

يشار إلى أن المذيعة رانيا تعمل مقدمة في برامج المرأة وفي برنامج "المملكة هذا الصباح" في التلفزيون السعودي ومتزوجة منذ 6 سنوات وأم لعدد من الأطفال.

وتروي رانيا قصتها لصحيفة "الشرق الأوسط" قائلة:" زوجي، منذ ان توقف عن العمل قبل ثلاث سنوات، وهو يعاملني بقسوة شديدة، لكن في المرة الأخيرة حاول قتلي حين خنقني بشدة حتى بدأت في النزيف. ولم يكتف بذلك بل اخذ يضرب رأسي على الجدران وارضية المنزل، وبعدها اخذني في سيارته ورماني عند باب المستشفى وهرب، معتقدا انني رحلت عن الدنيا، لذلك فكر باخراجي من البيت".
رانيا الباز بعد الإعتداء الشنيع !


وقالت المذيعة المصابة بثلاثة عشر كسرا في وجهها، منها اربعة كسور في الأنف: إن "زوجي كان يحبني كثيرا وأتمنى أن يظهر وسأتنازل عن القضية بشرط أن يطلقني وأعود أنا وأبنائي إلى أهلي". وتتساءل رانيا قائلة: "كيف يعيش زوجي الآن، وماذا يأكل ويشرب من دون مال؟".

وظهرت نبرات حزن رانيا على صوتها عند سؤالها عن الموعد الذي ستعود فيه إلى التلفزيون، فقالت "مع الأسف الأطباء قالوا بأني لا أستطيع العودة الى بعد عام على الاقل". واضافت: "كنت اجهز لبرنامج جديد يتحدث عن مشاكل المرأة السعودية وهمومها مثل العنف والاغتصاب والوظيفة وغيرها ولم اكن اتوقع ان قضيتي ستكون اكبر من هذه القضايا وتأخذ هذا المنحى وتصبح حديث المجتمع ويتم تعاطف المسؤولين والشعب معي وحتى جمعية حقوق الانسان".

وعن وضع الاعلاميات في السعودية قالت "نحن نحصل على الفتات وعلى أقل القليل ومن دون ضمانات. لديك انا على سبيل المثال.. كيف استطيع العودة الى عملي بعد 13 كسرا في وجهي. عليك ان تسأل عن حقوقنا كإعلاميات سعوديات. لست الوحيدة هناك مثال آخر لمذيعة سعودية قديرة هي السيدة نجوى غرباوي، فبعد ان تدهورت صحتها جراء اكثر من 25 سنة في العمل الإعلامي لم تحظ بتأمين صحي يغطي علاجها في المستشفى. اين هي الآن؟ هل سأل عنها احد؟ لقد انسحبت الى أحزانها وشعورها المرير بالنكران. تعيش الآن في منزلها من دون عمل ثابت كونها لا تزال رغم خبرتها مذيعة متعاونة، وكل ما أخشاه أن أجد نفس المصير بعد عشر اعوام من العمل كمذيعة تتقاضى 400 ريال عن كل حلقة وتتسلمها كل ثلاثة أشهر. لا أخفيك اخشى ان أكون في هذا الموقف".

بعد الحادث قامت رئيسة لجنة الأسرة في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الجوهرة العنقري وعضوة الجمعية الدكتورة بهيجة عزي بزيارة رانيا. وأكدت العنقري أن الجمعية تتابع القضية على كافة المستويات حتى نهايتها. وقالت :" أن رانيا تعرضت لاعتداء قاس جدا" . وأضافت :" أنا بصراحة لم أصدق ما شاهدته بعيني.. كان المنظر شنيعا بكل المقاييس"، ملمحة إلى أن وجه المذيعة تغيرت معالمه وأصبح مشوها بشكل كبير إثر الضربات المتوالية عليه من قبل زوجها حيث أصيبت بكسور في الأنف والوجه وكدمات جللت بالسواد عيني رانيا". ونسبت العنقري إلى المذيعة الضحية أن الخلاف بينها وبين زوجها كان خلافاً معتادا إلا أن زوجها خرج عن طوره وضربها بقسوة"، مؤكدة أن زوجها يمر بظروف اقتصادية صعبة في الفترة الحالية.

ولا تزال السلطات السعودية تبحث عن الزوج الذي اختفى بعد الحادث حيث التقط رجال الحراسة في المستشفى رقم لوحة سيارته، فيما وضعت السلطات حراسة امنية على غرفة رانيا في المستشفى. وقال الملازم عبد الله الزهراني، الذي تولى التحقيق في الحادثة :" من المستبعد أن يكون الزوج قد غادر خارج البلاد حيث تشير المعلومات لدى الجهات الأمنية أنه مازال داخل مدينة جدة وأن البحث يجري عنه وسيتم القبض عليه إن شاء الله ومن ثم سيتم التحقيق معه لمعرفة الأبعاد التي أدت إلى قيامه بهذه الجريمة الشنعاء".

زوج رانيا


الشجاعة التي تحلت بها المذيعة السعودية رانيا الباز في الكشف عن مجريات ما وقع لها وقبلوها التحدث للصحف والسماح للمصورين بالتقاط صورها ونشرها قلما تتحلى بها المرأة العربية المعنفة. وقد اثنت صحف عربية عدة تناولت قضية رانيا الباز على هذه الشجاعة التي ستشكل لاحقا، بحسب رأي محللين، حافزا لكل امرأة عربية معنفة بعدم التردد في الابلاغ عن حالات العنف الذي يتعرضن له.

قضية رانيا الباز وشجاعتها ساعدت الصوت العربي المتنور المطالب بضرورة اصلاح الانظمة والقوانين الظالمة والمجحفة للمرأة واصلاح نظام التعليم التميزي ضد نساء. وتتفق الكثير من الناشطات في حقوق المرأة في السعودية أنه يتوجب على رانيا عدم التسامح مع زوجها ، بل يتوجب عليها طرده من حياتها حتى يكون عبرة لمن اعتبر.

والسؤال الذي لا بد منه: كم من القضايا المشابهة لقضية رانيا الباز والتي تقع كل ساعة وكل يوم ولا نسمع عنها لان اصحابها لم يمتلكوا شجاعة المذيعة السعودية. وكم امرأة سنقتل او نضرب او نشوه او نعنف قبل ان تقتنع السلطات العربية "الابوية" بضرورة اصلاح الانظمة والقوانين على طريق معاملة المرأة كانسانة كاملة الحقوق والواجبات تماما كما هو الرجل؟...

منقول

التعليق

وين الرجولة ...... الا ياحيف على الرجال