أليس فيهم رجـل رشيـد ؟..؟؟؟؟؟
( المقال للكاتب / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب / عمر عيسى محمد أحمد )
تجارب رأيناها وخضناها كثيراً .. وقد جرت مع ألقاب الشاه والسلاطين والأباطرة .. ومع الملوك ومع الرؤساء .. ومع الزعماء ومع القادة ومع كل ألقاب الكراسي .. ومع كل قائد كان في قومه صاحب جولة وصولة ذات يوم .. فلحظة تأتي عندما تزرع الأقدار أسبابها .. وهي اللحظة التي يجري فيها الحكم من الله بنزع ما كان عطاءً منه ذات يوم .. ( فهو يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ) .. يمهلهم بالقدر الكافي من السنوات التي تقتضي بها حكمته بالإمهال .. ثم هو العليم بحكمة أقداره عندما ينهي فترة الإمهال ليكون الزوال .. والتجارب كثيرة بالقدر الكافي وخاصة في المئة سنة الأخيرة .. فكم وكم من رموز بارزة أزيلت من عروش كانت بقوة ومهابة .. وكم وكم من قادة كانت لهم الجولات والصولات والردع والزجر .. ثم تأتي لحظات عندما تجري أسباب النهايات كما تحكم بها الأقدار .. فتثور الشعوب وتتمرد وتطالب بالإسقاط .. فتجري النزاعات والمقاومات .. وتموت الأنفس البريئة وغير البريئة .
....................ولكن الأمر العجيب والمحير أن التاريخ لم يؤكد ولا مرة واحدة بانتصار القمة على القاعدة .. والحكم الأكيد في كل التجارب أن النهايات دائماً تأتي لصالح الشعوب الثائرة .. وتأتي دائما مؤكدة باندثار القمم وإزالتها نهائياَ .. وانهيارها في كل الأحوال .. وتلك هي الحصيلة في كل تجارب الأمم التي خاضت تجربة الثورات الشعبية في كثير من أنحاء العالم .. والمقام هنا ليس للحكم لصالح ثورة من الثورات أو لصالح زعامة من الزعامات .. فرب ثورة شعبية لم تجلب وراءها إلا المزيد من الشقاء والبلاء لأهلها .. ورب ثورة تجلب الخير والنماء والخلاص والرخاء لأمة من الأمم أو لشعب من الشعوب .. ورب رمز تواجده في الساحة يعني الابتلاء والشقاء والمعاناة لشعبه .. ورب رمز قد يكون مخلصاً لبلده ونيته طيبة ولكن الأقدار تحكم بمجرياتها .. فيزال من السلطة في لحظات غضب وشغب .. ثم تؤكد قيمته فيما بعد عند حلول المصائب وانعدام الأمن وانتشار الفوضى .. ولكن المقام هنا عن سؤال يحير الفكر والمنطق .. وهو : إذا علمنا يقيناً أن التجارب السابقة كلها أثبتت بعدم جدوى مقاومة القادة والزعماء لشعوبها .. والمصير معروف سلفاً بتلك النهايات المؤكدة .. فلماذا لا يفكر أحد من هؤلاء القادة أو الزعماء الذين يواجهون الثورات من شعوبهم بمنطوق التجارب السابقة والعقل والمنطق .. بأن يقبلوا بالمصير المحتوم دون التمسك بالسلطة والاستماتة حتى الرمق الأخير .. وذلك بالتنحي فوراً حيث لا فائدة من التماطل .. ودون إراقة الدماء الطاهرة .. ولسان حالهم يقول : ربي لك الحمد والشكر عن تلك السنوات التي أمهلتني فيها بالسلطة .. واتيتني فيها الملك والجاه والحياة الرغدة .. وقد جعلت لي منهم السمع والطاعة .. ثم آن الأوان لكي ِأرضى بحكمك وحكمتك .. فلك الحمد إذ برأتني من أمانة ومسئولية هي كانت ملقاة على عاتقي .. فأجعل لي العواقب سليمة .. والخواتم مقرونةَ بإحسانك ورضاك .
................ولكن مع الأسف الشديد تأتي تلك النهايات المحتومة بعد إراقة الكثير والكثير من الدماء الطاهرة البريئة .. وبعد إحداث الكثير والكثير من الدمار والهدم والكسر .. وبعد تشرد الكثير والكثير من الناس عن ديارها .. وبعد تعطل الكثير والكثير من المصالح القومية والخاصة .. وكذلك تأتي بعد أن تكون البلاد على شفا الإفلاس والانهيار .. فلماذا كل ذلك ؟؟؟ .. وهي ما كانت لتكون كذلك لو أن أحدهم حكم عقله في اللحظة الأولى من شكوى الشعوب وإشعال الثورات .. وتبرأ من طمعه وحماقته .. ونادى بزهده في الكرسي وفي السلطة .
( المقال للكاتب / عمر عيسى محمد أحمد )
ــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد