ككل يوم، بعد الكثير من الأحلام، استيقظت من النوم على صوت المنبه. قمت إلى الحمام لأستحم كعادتى، وككل يوم اثنين سقطت الصابونة من يدى على الحوض - حيث أن حمامى ضيق - لترتد إلى قضيبى لأظل خمس دقائق ثابتا كالصنم من شدة الألم، وكل ذلك لأنه فى هذا اليوم تقوم السيدة الساكنة فى العمارة المقابلة بإنزال غطاء شرفتها لتنظيفه فيسقط شعاع الشمس على عينى فتسقط الصابونة!
كعادته تأخر الأتوبيس عشر دقائق عن ميعاده، ولم أجد مقعدا فارغا كالعادة. وصلت إلى العمل لأجد المدير قد رفض فكرتى ككل الأفكار التى قدمتها من قبل، وبالطبع كانت الفكرة المقبولة هى فكرة ابن أخيه الذى يلاصق مكتبه مكتبى، والذى دائما ما يرسل إلى نظرات الشفقة لأنى لا أمل من تقديم الأفكار رغم رفض جميعها!
حاولت كثيرا الزواج لكن دائما ما يتم رفضى لأنى مجرد محاسب فقير، وشقتى تحتوى على غرفة واحدة وخالية من العفش تقريبا!
لكسر الروتين قررت ذات يوم أن أتزوج أول فتاة تكلمنى وقد كانت تلك النادلة القصيرة فى محل القهوة - أذهب إليه فى استراحة الغداء - ذات الشعر المصبوغ بالأحمر والتى لا ترتدى إلا الكعوب العالية جدا لإخفاء قصرها.
ظل الروتين كما هو وبعد عشر سنوات من الزواج أصبحت فى الأربعين، أنجبت ثلاثة أولاد يشبهون أمهم!
أخيرا قررت الانتحار وقفزت من فوق برج القاهرة وقبل أن أقفز هبت عاصفة شديدة من الغرب، على إثرها ابتعدت عن الأرض وتيقنت أنى سأسقط فى الماء ولكن لحسن الحظ كان هناك مركب فى الماء. اصطدمت بالفتاة التى ترقص عليه. طارت هى إلى الماء بينما تحطم جسدى وتحطم جزء من المركب.
بالأمس صدر قانون من مجلس الشعب يمنع فئات معينة من الدفن فى مقابر المسلمين، وعلى إثره دفنت فى مقابر خارجية.
نص الحديث على " من قتل نفسه بحديدة عذب بها فى النار " ولم ينص على تكفير المنتحر. يا له من نائب سلفى غبى صاحب مذكرة القانون!
بدأت أتزاور مع الموتى المدفونين بجوارى ، كان بينهم ملحد لا يتكلم أو يفتح عينينه أبدا. زوجتى تزورونى بانتظام فى العاشر من كل شهر بعد أن تقبض معاشى. زرتها فى منامها لأخبرها أن تزورونى بشكل عشوائى لكنها انقطعت عن زياراتى!
بعد مائتى عام قامت القيامة وبعد انقضاء الحساب بدأ روتين آخر!